ما صحة هذا الحديث ؟ علامات يوم القيامة الكبرى : 1- سقوط سبعه من أمراء الدول .2- ظهور الإمام المهدي .3- ظهور الدجال .4- نزول سيدنا عيسى عليه السلام .5- ظهور يأجوج ومأجوج .6- شروق الشمس من مغربها .7- أبواب التوبة تغلق .8- ستظهر دابة الأرض لتضع علامة على المسلمين .9- سيعم الضباب على الأرض لمده أربعين يوما وسيقتل كل المؤمنين الحق حتى لا يشهدوا بقيه العلامات .10- نار عظيمه تسبب الدمار .قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ( إن من نقل هذا النبأ عني سأجعل له يوم القيامة مكانا بالجنة ) .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذا الحديث بهذا التمام لم نجد له أصلا ، وأمارات الوضع عليه لائحة ، فهو مع ركاكته فإن قوله فيه ” من نقل هذا النبأ عني ، سأجعل له يوم القيامة مكانًا بالجنة ” قول منكر ؛ إذ كيف يكون مجرد نقل مثل هذا الخبر له هذا الثواب الجزيل ، وقد قال ابن القيم رحمه الله :
” والأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ومجازفات باردة تنادي على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انتهى من “المنار المنيف” (ص 50) .
ثم ذكر جملة من الأمور الكلية التي يعرف بها كون الحديث موضوعا ، ومنها : ” ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها ، بحيث يمجها السمع ويدفعها الطبع ، ويسمج معناها للفطن ” انتهى من “المنار المنيف” (ص 99) .
ثانيا :
ما ذكره من العلامات من ظهور الدجال ، ونزول عيسى عليه السلام ، وظهور المهدي ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وخروج الدابة ، وغلق باب التوبة ، وخروج النار ثابت في السنة الصحيحة .
انظر إجابة السؤال رقم : (78329) .
ثالثا :
قوله عن الدابة أنها تضع علامة على المسلمين خطأ ، والمشهور أنها تخطم أنوف الكافرين ، فروى الترمذي (3187) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ وَعَصَا مُوسَى فَتَجْلُو وَجْهَ المُؤْمِنِ وَتَخْتِمُ أَنْفَ الكَافِرِ بِالخَاتَمِ ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الخِوَانِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ: هَاهَا يَا مُؤْمِنُ، وَيُقَالُ: هَاهَا يَا كَافِرُ، وَيَقُولُ : هَذَا يَا كَافِرُ وَهَذَا يَا مُؤْمِنُ ) .
وقال الترمذي عقبه : ” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ فِي دَابَّةِ الأَرْضِ. وَفِيهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ ” انتهى .
وضعفه الألباني في “ضعيف الترمذي” .
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تَخْرُجُ الدَّابَّةُ فَتَسِمُ النَّاسَ عَلَى خَرَاطِيمِهِمْ ، ثُمَّ يَغْمُرُونَ فِيكُمْ حَتَّى يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْبَعِيرَ فَيَقُولُ: مِمَّنْ اشْتَرَيْتَهُ؟ فَيَقُولُ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْ أَحَدِ الْمُخَطَّمِينَ ) .
وصححه الألباني في “الصحيحة” (322) .
رابعا :
قوله ” يعم الضباب الأرض أربعين يوما ويقتل المؤمنين ” فالثابت بالسنة الصحيحة ما رواه مسلم (2937) عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ، قَالَ: ” ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ … ” .
فذكر الحديث في نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال وخروج يأجوج ومأجوج ، إلى أن قال : ( فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ) .
وروى مسلم أيضا (2940) عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فذكر حديث الدجال ثم قال : ( ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى تَقْبِضَهُ ) .
وروى مسلم أيضا (2907) عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى ) فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [التوبة/ 33 أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ : ( إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ ، فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ ) .
خامسا :
أما قوله إن من أشراط الساعة سقوط سبعة من أمراء الدول : فلا نعلم له أصلا .
والواجب على المسلم أن يستثبت أولا من الخبر المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يرويه عنه ، وخاصة تلك الأحاديث التي يتناقلها الناس عبر الإنترنت ، فإن فيها الكثير من الأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها .
ولقد أحسن الأخ السائل صنعا إذ سأل عن صحة هذا الحديث ، وهذا سبيل من يحتاط لدينه ويخاف من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو القائل :
( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة الصحيح (1/7) .
والله أعلم .